تشهد شركة آبل واحدة من أكثر الفترات حساسية في تاريخها إثر دعوات قوية من شركة الأبحاث الأمريكية “LightShed Partners” للنظر في استبدال الرئيس التنفيذي الحالي تيم كوك، الذي قاد العملاق التكنولوجي منذ عام 2011. وتأتي هذه الدعوات التي جاءت في مذكرة بارزة نقلتها بلومبرغ في ظل تراجع أداء آبل مقارنة بمنافسيها الكبار في سباق الذكاء الاصطناعي والابتكار، ما أشعل نقاشًا واسعًا حول مستقبل القيادة في الشركة.
LightShed: آبل بحاجة لزعيم “صانع” لا “مدير لوجستي”
أكد المحللان والتر بيسيك وجو جالون من LightShed في مذكرتهم أن الشركة “بحاجة الآن إلى رئيس تنفيذي يُكرّس جهوده لتطوير المنتجات والابتكار، وليس فقط ضمان مرونة الإمداد”، وذلك بعد سنوات طويلة من دفع تيم كوك للاستقرار التشغيلي. لكن بحسب التحليل، أصبحت احتياجات السوق اليوم أكثر اتساقًا مع قيادة تقدمية تركز على المنتج مع انفجار تقنيات الذكاء الاصطناعي.
أرقام غير مسبوقة.. آبل تتخلف عن الركب
خلال عام 2025، شهد سهم آبل تراجعًا ملحوظًا بنسبة 16% منذ بداية العام، في وقت واصلت فيه شركات مثل ميتا صعودها بارتفاع 25% ومايكروسوفت بنسبة 19%، مما يعكس حجم التحدي الذي تواجهه آبل في مواكبة موجة الذكاء الاصطناعي المتسارعة.
أشارت LightShed إلى أن الاستمرار بهذا المستوى المتراجع في إجادة الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تغيير جذري في مستقبل آبل، ويحمل خطر تحولها إلى “ضحية” موجة الابتكار الجديدة، على غرار ما واجهته شركات كبرى مثل بلاك بيري ونوكيا سابقًا.
تغيرات إدارية ضخمة وصعود أسماء جديدة
تزامن هذا الجدل مع إعلان آبل قبل أسابيع قليلة عن تنحي جيف ويليامز، مدير العمليات المخضرم، وتعيين صبيح خان خلفًا له، ما يشير إلى سلسلة من التحولات داخل الإدارة العليا في الشركة. ويُعد ويليامز من أبرز القادة الذين أسهموا في بناء سلسلة الإمداد الناجحة لآبل، كما كان مرشحًا سابقًا لخلافة كوك في منصب القيادة. غير أن الأنظار بدأت تتجه إلى جون تيرنوس، نائب الرئيس للهندسة، كخيار متنامٍ للمنصب التنفيذي الأعلى في المستقبل.
أداء قوي طويل الأمد… ولكن صدمة الحاضر
على الرغم من التحديات الحالية وصوت الانتقادات، حققت آبل، بقيادة كوك، إنجازات مالية ضخمة، إذ تجاوزت قيمة أسهمها 1,400% منذ عام 2011، في مقابل ارتفاع مؤشر S&P 500 بنسبة 430% فقط في الفترة نفسه. وأشرف كوك على إطلاق منتجات كبرى بجانب الآيفون، كالساعة الذكية وسماعات AirPods والخدمات الرقمية التي شكلت مصادر دخل جديدة للشركة.
إصلاحات في استراتيجية الذكاء الاصطناعي… واستثمارات ضخمة
خلال العام الجاري، أعلنت آبل التزامها باستثمار أكثر من 500 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع القادمة، مع تركيز واضح على تسريع الابتكار في الذكاء الاصطناعي وتطوير قدرات المعالجات والتنمية البرمجية. رغم ذلك، يشير الخبراء إلى أن آبل لا تزال متأخرة تقنيًا في هذا المجال مقارنة بمختبرات الذكاء الاصطناعي العملاقة التابعة لمايكروسوفت وجوجل وميتا، حيث تفتقر إلى بنية تقنية ضخمة وموديلات بقدرات مماثلة، ما أثر على سرعة تطوير وإطلاق ميزات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها.
كوك باقٍ في القيادة… ومجلس الإدارة يجدد الثقة
أفادت تقارير موثوقة نقلًا عن مصادر داخلية أن تيم كوك لا يخطط للاستقالة في الوقت الراهن وأن مجلس إدارة آبل يواصل دعمه، معتبرًا إياه الشخص المناسب لإعادة توجيه الشركة وتجاوز التحديات الحالية. بل تزايدت التوقعات بأن كوك قد يتولى في المستقبل رئاسة مجلس الإدارة، خاصة مع اقتراب تجاوز الرئيس الحالي آرثر ليفنسون لسن التقاعد.
أصوات تحذر من تباطؤ الابتكار
في المقابل، حذر بعض القياديين داخل آبل من استمرار البطء في وتيرة الابتكار، مؤكدين أن تجاهل التحولات السريعة قد يؤدي إلى تراجع الشركة إلى مصاف الأسماء التي أخفقت في مواكبة التغيير. ويبرز هنا تحذير إيدي كيو، رئيس قطاع الخدمات، الذي أشار إلى أن مواصلة التراجع في الذكاء الاصطناعي قد يهدد مكانة آبل التاريخية.
التساؤل الأهم: هل ستشهد آبل لحظة التغيير الجذري؟
في ظل ما تشهده سوق التكنولوجيا من تحولات متسارعة ومنافسة طاحنة في الذكاء الاصطناعي، يقف المراقبون أمام تساؤل جوهري: هل ستلتقط آبل الإشارة وتتجه بالفعل نحو تغيير تاريخي في قيادتها بعد أكثر من عقد من قيادة تيم كوك؟ أم تظل سياسة الاستمرارية والمراهنة على الخبرة العريضة هي الرهان الوحيد لإعادة الشركة إلى صدارة الابتكار والمنتجات الثورية؟
الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كانت آبل قادرة تحت إدارة كوك أو خلفٍ جديد على استعادة زخمها وقيادة موجة الذكاء الاصطناعي أم سيكون عليها إعادة رسم مستقبلها من نقطة الصفر.
تعرف على: أفضل تطبيقات ويندوز 10







